الله سبحانه وتعالى.. اخبرنا في القرآن الكريم؛ أن هناك نزغا للشيطان.. وهمزا للشيطان.. وسوسة
للشيطان.. ومسا للشيطان.. فما هو الفرق بين هذه الأشياء كلها؟.. وما هي الطريقة التي يدخل بها
الشيطان الى النفس البشرية؟.. وكيف يدفعها الى المعصية؟.. وكيف يخوف أولياءه؟.. ويسيطر
عليهم بالخوف؟.. وكيف يهرب ويترك الانسان الساقط في المعصية ثم يتبرأ بعد ذلك؟
قبل أن نبدأ.. لا بد أن نقول إن للشيطان وسوسة وللنفس البشرية وسوسة ودفعا الى المعصية.. ذلك
أن الله سبحانه وتعالى.. أخبرنا في القرآن الكريم؛ أن النفوس تتفاوت؛ هناك النفوس الطيبة.. والنفس
الوامة.. والنفس الأمارة بالسوء.
فالنفس الطيبة هي التي لا تعمل الا طيبا والا خيرا ٬ والنفس اللوامة ٬ هي التي يقع صاحبها في
المعصية ٬ ولكنا تلومه عليها.. فيعود الى الخير مرة أخرى ٬ وقد يقع الانسان في المعصية أكثر من
مرة والنفس الأمارة بالسوء هي التي اعتاد صاحبها السوء ٬ فلم يعد يثير فيه أي شعور بالندم
والاستنكار.. بل هو يعيش مع السوء ٬ ويأمر بالسوء وقد اعتاده ٬ بحيث أصبح لا يفعل الا سيئا..
ويستمتع بذلك السوء!
هناك نوعان من الوسوسة: وسوسة الشيطان بالنسبة للانسان.. ووسوسة النفس له فكيف نفرق بين
وسوسة الشيطان ٬ وسوسة النفس؟
نقول: إن الشيطان يريد الانسان عاصيا على أي وجه.. فلا يهمه نوع المعصية ولكن يهمه حدةثها..
فإذا حاول أن يغري الانسان بالمال الحرام‘ ولم يجد منه استجابة.. أسرع يزين له المعصية مع النساء
بارتكاب الزنا والفاحشة ٬ فإذا فشل في ذلك.. أسرع يزين له معصية الخمر ويحاول أن يغريه بها ٬
فإن سد عليه كل منافذ المعصية.. أسرع يحاول أن يفسد له الطاعة بأن يجعله مقلا يتفاخر بالصدقة
فيضيع ثوابها.. أو إذا جاء موعد الصلاة فإنه يحاول أن يمنعه من أدائها.
ويجب أن تعلم أن هذا الاغواء لا ياتي قسرا أو قهرا.. فالشيطان ليس له سلطان القهر على
الانسان.. ولكن إذا أذ ن للصلاة مثلا فإنه يغريه ألا يقوم الى الصلاة ٬ وإنما يؤجلها حتى ينتهي
الفيلم الذي يشاهده في التليفزيون.. فإذا انتهى الفيلم ٬ يذكره بأعمال يؤديها.. كأن يتصل بصديق له
بالتليفون.. أو يتناول العشاء أولا.. أو يقوم بزيارة كان قد نسيها ٬ الى غير ذلك من أفاعيل الشيطان.
فإن كان الانسان تاجرا.. فإنه يخوفه من أنه إذا قام للصلاة فستضيع منه صفقات ويضيع منه ربح..
وهكذا يظل ينقله من مشكلة الى أخرى.. حتى يضيع وقت الصلاة.. أو ينصرف عنها بالتدريج.. فإن
فشل في ذلك.. فإنه يوسوس له في وضوئه وصلاته.. فيقول له إنك لم تحسن الوضوء فأعده.. ويظل
يشككه في وضوئه.. ثم يعيده مرات ومرات.. ثم بعد ذلك يشككه في صلاته.. حتى يعيدها مرات
ومرات.. ويدخل الشك في نفس الانسان.. فلا يعرف كم صلى.. ولا يعرف هل أحسن الوضوء أم لا؟
إذن فالشيطان لا يهمه نوع المعصية.. ولكن يهمه أن تتم المعصية.
أما وسوسة النفس.. فهي ان تصر على نوع معين من المعصية... لا تريد غيره.. أي أنها تلح على
صاحبها أن يرتكب معصية بذاتها ويكررها.. ولا تطالبه بمعصية أخرى.