نســاءُ ربــــاهن القــــرآن
(قصص واقعية تربوية عن السابقات والمعاصرات)
بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على أشرف من خلق الله: محمد بن عبدالله، وبعد:
مهري الإسلام!!!!
خطب أبو طلحة الأنصاري -رضي الله عنه-(وكان آنذاك كافراً مشركاً) الصحابية أم سليم بنت ملحان -رضي الله عنها- ليتزوجها، فقالت له: والله إنك كفؤءٌ (أي من حيث النسب) كريم، وما مثلك يرد، ولكنك رجلٌ كافرٌ، وأنا امرأة مسلمة، ألست تعلم أن إلهك الذي تعبد، خشبة تنبت من الأرض، نجرها حبشي من بني فلان؟!!!
فقال: بلى
فقالت: أفلا تستحي من ذلك؟!!!، فإن أنت أسلمت لم أطلب مهراً سوى الإسلام (!!!)، وفي رواية أن أبا طلحة قال لها حين سمع كلامها: يا رميضاء: وأين الصفراء والبيضاء؟!! (يعني الذهب والفضة)، فقالت: لا أريد لا صفراء ولا بيضاء!! لاأريد غير الإسلام، ولا أرضى مهراً سواه!!
فقال أبو طلحة: ومن أين لي بالإسلام؟!! فقالت: دونك رسول الله -صلى الله عليه وسلم، واذهب إليه وأعلن إسلامك.. فلما رآه رسول الله -صلى الله عليه وسلم مقبلاً قال: «أتاكم أبو طلحة غرّة الإسلام (أي نوره بين عينيه» فأسلم ثم تزوج من أم سليم.
قال ثابت (أحد رواة الحديث) ما سمعنا بمهرٍ قط كان أكرم من مهر أم سليم ..
(كتاب صفة الصفوة:لابن الجوزي).
وفاءٌ عجيــــــــــب!!!!
كانت خولة بنت منظور، زوجة للعبد الصالح الحسن بن علي بن أبي طالب -رضي الله عنهما- وكانت أختها زوجة للصحابي الجليل عبدالله بن الزبير -رضي الله عنه وعن أبيه- وكانت أحسن النساء ثغراً (أي فماً وأسناناً)، وأتمهن جمالاً وحسناً... فلما قتل زوجها عبدالله بن الزبير على يد الشقي الحجاج بن يوسف الثقفي، ثم انقضت عدّتها، أرسل إليها الخليفة الأموي عبدالملك بن مروان، يخطبها ليتزوجها رغبةً في جمالها وحسن ثغرها، فكرهت أن تتزوج رجلاً بعد زوجها عبدالله بن الزبير، وفاءً له وزهداً في الرجال من بعده، ولكنها خشيت على نفسها من أذى وبطش الخليفة، إذا هي رفضت الزواج به، فأخذت فهراً (وهو شئ يستعمل للتكسير)، فكسرت به أسنانها، حتى يزول عنها جمالها وثغرها الفاتن، فيزهد الخليفة في الزواج بها ... ثم إنه جاءها رسول الخليفة عبدالملك فخطبها، فأذنت له ليراها الرؤية الشرعية، فأدى رسالته إليها، وعرض عليها الزواج بالخليفة، ورأى ما بها من ذهاب أسنانها الجميلة ... فلما فرغ من كلامه، قالت له: ما لي عن أمير المؤمنين رغبةٌ (أي أنني أرغب في الزواج به)، ولكني كما ترى (أي قد فقدت أسناني الجميلة)، فإن أحبني أمير المؤمنين على حالي هذه، فأنا بين يديه، وموافقة عليه!!
فرجع إلى الخليفة عبدالملك، فأعلمه بذلك، فقال الخليفة: أنا والله إنما أردت الزواج بها، على حسن ثغرها الذي بلغني، وأما الآن فلا حاجة لي فيها.
(كتاب أخبار النساء:لابن الجوزي).
إمرأة ماتت من خشية الله!!!!
وكانت بعض النساء الصالحات المتعبدات، وكانت بديعة الحسن فائقة الجمال، فسمع عنها وعن جمالها الساحر، رجل من الموسرين الأثرياء، فوقعت في نفسة، فرغب في الزواج بها، وكانت تخطب كثيرا للزواج، فتأبى وترفض، فاشتد الأمر على الرجل الموسر، ولم يدر ماذا يصنع!!!
ثم إنه بلغة أنها تريد السفر إلى مكة، لحج بيت الله الحرام، فاشترى ذلك الرجل الموسر قافلة من الإبل، قوامها ثلاثمائة بعير، ونادى في الناس: من أراد الذهاب إلى الحج، فليستأجر بعيراً من فلان!! فاستأجرت المرأة منه بعيراً لتخرج إلى الحج..
فخرجت القافلة بعد حين، متجهة إلى بيت الله الحرام، فلما أصبحوا في آخر الليل، وتوغّلوا في الصحراء، وهدأت العيـــــــون، وغطّى الظلام المكان، ونام جميع أفراد القافلة، اقترب ذلك الرجل الموسر من تلك المرأة الصالحة، ثم قال لها: إما أن تزوِّجيني نفسك، وإما غير ذلك، فقالت له: ويحك!!، اتق الله !! فقال لها: ما هو إلا ما تسمعين!!، والله ما أنا بصاحب قوافل، ولا خرجت إلا من أجلك!!.. فلمّا خافت على نفسها، قالت له: ويحك!!، انظر هل بقى في الرجال عينٌ لم تنم؟!! ، فقال لها: لا!!، لقد ناموا كلهم!!، فقالت له والدموع تتحدر من عينيها: فهل نامت عيــــــــــــن رب العالميـــــن؟!!!!! .
ثم شهقت شهقة، خرت بعدها ميتة!!، وخرَّ الرجل مغشياً عليه، فلما أفاق قال: ويحي قتلت نفساً، ولم أبلغ شهوتي!!!.
(كتاب روضة المحبين:لابن القيم).
وفاءٌ بعدَ الموت!!!!
قال الأصمعي: خرج الخليفة الأموي سليمان بن عبدالملك -رحمه الله-، ومعه سليمان بن المهلب بن أبي صفرة، من دمشق متنزهين، فمرَّا بالمقابر، وإذا امرأة جالسة عند قبرٍ، وهي تبكي وتنتحب!!
قلت: "زيارة المرأة للمقابر حرام"، فهبّت الريح، فرفعت الغطاء عن وجهها، فكأنها غمامة تجلت عن شمسٍ مشرقة، فدُهش الخليفة وصاحبه من جمالها الباهر، فوقفا متعجبين ينظران إليها!!!.
ثم قال لها ابن المهلب: يا أمة الله: هل لك في أمير المؤمنين سليمان بن عبدالملك بعلاً وزوجاً؟!!، فنظرت إليهما، ثم نظرت إلى القبر، ثم أنشأت تقول:
فإن تسألـني عن هواي فإنـــه
بمحلود هــــذا القــبر يا فتيــان
وإني لأستحييه والتراب بيــننا
كما كنت أستحييه وهو يراني
فانصرفنا، ونحن متعجبون من حسن وفائها لزوجها المتوفــــــى!!!.
(كتاب أخبار النساء:لابن الجوزي).
إمرأة تفرح بقدوم الليل!!!!
عن مسمع بن عاصم قال: كانت بالبحرين امرأة عابدة صالحة، يقال لها: منيفة بنت أبي طالب -رحمها الله- ، فكانت إذا هجم الليل عليها، قالت بخٍ بخٍ !! يا نفس قد جاء سرور المؤمن!!، فكانت تشد عليها ثيابها، ثم تقوم إلى محرابها فكأنها الجذع القائم حتى تصبح، فإذا أصبحت وأمكنت الصلاة، فإنما هي في الصلاة، حتى ينادى بصلاة العصر، فإذا صلت العصر هجعت إلى غروب الشمس!!، هذا دأبها دائماً.
فقيل لها: لو جعلتِ هذه النومة في الليل، كان أهدأ لبدنك، فقالت: لا والله!! لا أنام في ظلمة الليل ما دمت في الدنيا، قال: فمكثت على حالها ذلك، أربعين سنة ثم ماتت!!..
عن عامر بن مليك البحراني عن أمه قالت: بتُّ ذات ليلة عند منيفة فما زادت على هذه الآية من أول الليل إلى آخره، ترددها وتبكي: {وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَاَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ ايَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ اِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}.
(صفة الصفوة).
على فراش الموت!!!!
عن عفيرة العابدة: أن معاذة العدوية -رحمها الله-، لما احتضرت ونزل بها الموت، بكت ثم ضحكت!!، فقيل لها: مم بكيتِ ثم ضحكتِ؟!!
فقالت: أما البكاء الذي رأيتم، فإني ذكرت أني إذا مت، فارقت الصيام والصلاة والذكر، فكان البكاء حزناً لذلك، وأما الذي رأيتم من تبسمي وضحكي، فإني رأيت زوجي أبا الصهباء - كان قد توفي قبلها - قد أقبل في صحن الدار، وعليه حلّتان خضراوان، وهو في نفرٍ كثيرٍ، والله ما رأيت لهم في الدنيا شبهاً!! فضحكت إليه!! ولا أظنني أدرك معكم الصلاة التالية... قال: فماتت رحمها الله، قبل أن يدخل وقت الصلاة التالية.
(صفة الصفوة).
خلوة بالحبيب!!!!
عن إبراهيم بن مسلم القرشي قال: كانت فاطمة بنت محمد بن المنكدر -رحمها الله- تكون نهارها صائمة، فإذا أقبل عليها الليل، وقامت في محرابها لتناجي ربها، نادت بصوت حزين
قائلة: رباه : هذا الليل، واختلط الظلام، وأوى كل حبيبٍ إلى حبيبة، وخلوتي بك أيها المحبوب، أن تعتقني من النار.
(صفة الصفوة).
فكيف لو نظر الجبار إلينا!!!!
مرَّ أمير بلدة العبد الصالح حاتم الأصم -رحمه الله- ومعه أصحابه، طرق ذات يوم باب بيت حاتم، فاستسقى ماء ليشرب، وكان حاتم حينها غائباً، فأعطته إحدى بنات حاتم ماءً، فلمّا شرب، رمى إليهم شيئاً من المال، فوافقه أصحابه، وأعطوا أهل الدار ما تيسر من المال، ففرح أهل الدار كلهم، سوى بنية صغيرة، فإنها بكت!!
فقيل لها: ما الذي يبكيك؟!!
فقالت: سبحان الله!!، مخلوقٌ ضعيفٌ (تعني الأمير ومن معه) نظر إلينا (أي عطف علينا) فاستغنينا، فكيف لو نظر إلينا الجبّار سبحانه وتعالى؟!!.
(صفة الصفوة).
أستحي من الله!!!!
عن مسمع بن عاصم ورياح القيسي قالا: شهدنا رابعة العدوية -رحمها الله- وقد اتاها رجل بأربعين ديناراً !!، فقال لها: خذي هذه، تستعينين بها على بعض حوائجكِ!!..
فبكت ثم رفعت رأسها إلى السماء، ثم قالت:
هو (أي الله تعالى) يعلم أني أستحي منه، ان أسأله الدنيا وهو يملكها !!. فكيف أريد أن آخذها ممن لا يملكها !!.
(صفة الصفوة).
لذة القرب من الله!!!!
كانت بعض الصالحات، إذا قامت تصلي في الليل تناجي مولاها
قائلة: إلهي وسيدي ومولاي: لو أنك عذبتني بعذابك كله، لكان ما فاتني من قربك أعظم عندي من العذاب، ولو نعمتني بنعيم أهل الجنة كلهم، كانت لذة حبك في قلبي أكثر.
(صفة الصفوة).
المضطر أولى بالدعاء!!!!
قال رجل للأمة الصالحة رابعة العدوية -رحمها الله- : ادعي لي!!
فالتصقت بالحائط وقالت: من أنا يرحمك الله!!
أطع ربك وادعه، فإنه يجيب المضطرين.
(صفة الصفوة).
امرأة تستحي من الله!!!!
قالت لبابة العابدة -رحمها الله- : إني لأستحي منه (أي الله تعالى)، أن يراني مشتغلة بغيره سبحانه !!.
وقالت -رحمها الله: ما زلت مجتهدة في العبادة، حتى صرتُ أستروحُ بها!! (أي أتلذذ بها)، وإذا تعبت من لقاء الخلق، آنسني (أي الله تعالى) بذكره!!، وإذا أعياني الخلق، روّحني (أي أراحني) التفرغ لعبادة الله عز وجل!!، والقيام إلى خدمته!!.
(صفة الصفوة).
فلو كان النساء كمن ذكرنـا
لفضلت النســــــاء على الرجــــال
فما التأنيث لاسم الشمس عيبٌ
ولا التــــذكير فــخــــــرٌ للهــــــــلال